للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (١٢٥)

(بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا) أصل الفور القصد إلى الشيء والأخذ فيه بجد وهو من قولهم فارت القدر تفور فوراً إذا غلت، والفور الغليان، وفاز غضبه إذا جاش وفعله من فوره أي قبل أن يسكن، والفوارة ما يفور من القدر استعير للسرعة أي إن يأتوكم من ساعتهم هذه (يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة) في حال إتيانهم لا يتأخر عن ذلك (مسوّمين) أي معلمين بعلامات أو معلمين أنفسهم بعلامة على المبني المفعول أو الفاعل ورجح ابن جرير الأخير.

والتسويم إظهار سيما الشيء قال كثير من المفسرين مسوّمين أي مرسلين خيلهم في الغارة، وقيل إن الملائكة اعتمت بعمائم بيض، وقيل حمر، وقيل خضر، وقيل صفر، فهذه هي العلامة التي علموا بها أنفسهم حكي ذلك عن الزجاج.

وقيل كانوا على خيل بلق، وقيل غير ذلك، وفي بيان التسويم عن السلف اختلاف كثير لا يتعلق به كثير فائدة.

قال ابن عباس لم تقاتل الملائكة في معركة إلا يوم بدر وفيما سوى ذلك يشهدون القتال ولا يقاتلون إنما يكونون عدداً ومدداً. قال الحسن هؤلاء الخمسة آلاف ردء للمؤمنين إلى يوم القيامة.

وقد سئل السبكي عن الحكمة في قتال الملائكة مع أن جبريل قادر على أن يدفع الكفار بريشة من جناحه.

وأجاب: بأن ذلك لإرادة أن يكون الفضل للنبي وأصحابه وتكون الملائكة مدداً على عادة مدد الجيوش رعاية لصورة الأسباب التي أجراها الله تعالى في عباده، والله فاعل الجميع انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>