(قال رب أنّي) أي كيف ومن أين (يكون لي غلام) وليس معنى هذا الاستفهام الاستبعاد والإنكار، بل التعجب والاستكشاف من قدرة الله وبديع صنعه حيث يخرج ولداً من امرأة عاقر وشيخ كبير (وكانت امرأتي عاقراً) أي لا تلد؛ والجملة حال من الياء في لي، وقد تقدم الكلام على مثل هذا في آل عمران.
(وقد بلغت من الكبر عتياً) أي يأساً، يريد بذلك نحول الجسم والجلد ودقة العظم أو يبساً جساوة (١) في المفاصل والعظام من أجل الكبر والطعن في السن العالية يقال عتا الشيخ يعتو عتياً إذا انتهت سنه وكبر، وشيخ عات إذا صار إلى حال اليبس والجفاف والأصل عتواً لأنه من ذوات الواو فأبدلوها ياء لكونها أخف قال السمين: فيه أربعة أوجه أظهرها أنه مفعول به، أو مصدر مؤكد لمعنى الفعل أو مصدر وقع موقع الحال، أي عاتياً أو ذا عتو، الرابع أنه تمييز، وعلى هذه الأوجه الثلاثة (من) مزيدة ذكره أبو البقاء، والأول هو الأوجه، انتهى، وقرئ عِتياً بكسر العين وبضمها وهما لغتان، وكلتا الجملتين لتأكيد الاستبعاد.
(١) جسا ضد لطف وجست اليد وغيرها جسوا وجساء يبست وجسا الشيخ جسوا بلغ غاية السن والماء جمد، أهـ صحاح.