(وآخرون مرجون لأمر الله) ذكر سبحانه ثلاثة أقسام في المتخلفين (الأول) المنافقون الذين مردوا على النفاق (الثاني) التائبون المعترفون بذنوبهم (الثالث) الذين بقي أمرهم موقوفاً في تلك الحال وهم المرجون لأمر الله من أرجيته وأرجأته إذا أخرته وهما لغتان والقراءتان أي بالهمز ودونه سبعيتان، والمعنى أنهم مؤخرون في تلك الحال لا يقطع لهم بالتوبة ولا بعدمها، بل هم على ما تبين من أمر الله سبحانه في شأنهم.
والفرق بين الثاني والثالث أن الثاني اعتذر للنبي صلى الله عليه وآله وسلمِ بأعذار فقبلها منه فجعلت توبته، وإن الثالث لم يعتذر لأنه فتش فلم يجد عذراً صادقاً فأخر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره حتى ينزل الله قبول توبته فأخر الله قبولها خمسين يوماً.
(إما يعذبهم) إن بقوا على ما هم عليه ولم يتوبوا (وإما يتوب عليهم) إن تابوا توبة صحيحة وأخلصوا إخلاصاً، والتقدير وآخرون مرجون لأمر الله حال كونهم إما معذبين وإما متوباً عليهم، وإما هنا للشك بالنسبة إلى المخاطب، وإما للإبهام بالنسبة إلى الله تعالى بمعنى أنه تعالى أبهم على المخاطبين أعني هذا الترديد بالنظر لاعتقادنا فيهم، وإلا فالله تعالى عالم بعين ما هو فاعله بهم (والله عليم) بأحوالهم (حكيم) فيما يفعله بهم من خير أو شر.
وعن عكرمة قال: وآخرون مرجون لأمر الله هم الثلاثة الذين خلفوا، وعن مجاهد قال: هم هلال بن أمية ومرارة بن الربيع وكعب بن مالك من الأوس والخزرج تخلفوا كسلاً وميلاً إلى الدعة لا نفاقاً، ولم يعتذروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم كغيرهم، فوقف أمرهم خمسين ليلة وهجرهم الناس حتى نزلت توبتهم بعد.