(وإن كان كبر عليك إعراضهم) كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكبر عليه إعراض قومه ويتعاظمه ويحزن له، فبين له الله سبحانه أن هذا الذي وقع منهم من توليهم عن الإجابة له والإعراض عما دعا إليه هو كائن لا محالة لما سبق في علم الله عز وجل، وليس في استطاعته وقدرته إصلاحهم وإجابتهم قبل أن يأذن الله بذلك.
ثم علق ذلك بما هو محال فقال:(فإن استطعت أن تبتغي نفقاً في الأرض) فتأتيهم بآية منه (أو سلماً في السماء فتأتيهم بآية) منها فافعل، ولكنك لا تستطيع ذلك فدع الحزن ولا تذهب نفسك عليهم حسرات وما أنت عليهم بمصيطر، والنفق السرب والمنفذ ومنه النافقاء لجحر اليربوع ومنه المنافق وقد تقدم في البقرة ما يغني عن الإعادة، والسلم الدرج الذي يرتقي عليه وهو مذكر لا يؤنث وقال الفراء أنه يؤنث قال الزجاج: وهو مشتق من السلامة لأنه يسلك به إلى موضع الأمن وقيل المصعد وقيل السبب.
ثم قيل: إن الخطاب وإن كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فالمراد به أمته لأنها كانت تضيق صدورهم بتمرد الكفرة وتصميمهم على كفرهم، ولا يشعرون أن لله