(قل من يرزقكم من السموات والأرض) أي من ينعم عليكم بهذه الأرزاق التي تتمتعون بها فإن آلهتكم لا يملكون مثقال ذرة، والرزق من السماء هو المطر وما ينتفع به من الشمس والقمر والنجوم، والرزق من الأرض هو النبات والمعادن ونحو ذلك، ولما كان الكفار لا يقدرون على جواب هذا الاستفهام، ولا تقبل عقولهم نسبة هذا الرزق إلى آلهتهم وربما يتوقفون في نسبته إلى الله مخافة أن تقوم عليهم الحجة أمر الله رسوله بأن يجيب عن ذلك فقال:
(قل الله) أي هو الذي يرزقكم من السموات والأرض ثم أمره الله سبحانه أن يخبرهم بأنهم على ضلالة لكن على وجه الإنصاف في الحجة بعد ما سبق تقرير من هو على الهدى ومن هو على الضلالة فقال:
(وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) والمعنى أن أحد الفريقين من الذين يوحدون الله الخالق الرازق ويخصونه بالعبادة والذين يعبدون الجمادات التي لا تقدر على خلق ولا رزق ولا نفع ولا ضرر لعلى أحد الأمرين من الهدى والضلالة، ومعلوم لكل عاقل أن من عبد الذي يخلق ويرزق وينفع ويضر هو الذي على الهدى، ومن عبد الذي لا يقدر على خلق ولا رزق ولا نفع ولا ضر هو الذي على الضلالة، فقد تضمن هذا الكلام بيان فريق الهدى وهم المسلمون وفريق الضلالة وهم المشركون على وجه أبلغ من التصريح وهذا من الكلام المنصف الذي كل من سمعه من موال أو مناف قال لمن خوطب