(وقالت اليهود يد الله مغلولة) أي مقبوضة عن إدرار الرزق علينا، كنوا به عن البخل، تعالى الله عن ذلك، واليد عند العرب تطلق على الجارحة ومنه قوله تعالى:(وخذ بيدك ضغثاً) وعلى النعمة يقولون: كم يد لي عند فلان، وعلى القدرة ومنه قوله تعالى:(قل إن الفضل بيد الله) وعلى التأييد ومنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " يد الله مع القاضي حين يقضي " وعلى الملك يقال هذه الضيعة في يد فلان أي في ملكه، ومنه قوله تعالى:(الذي بيده عقدة النكاح) أي يملك ذلك.
أما الجارحة فمنتفية في صفته عز وجل، وأما سائر المعاني التي فسرت اليد بها عند جمهور المتكلمين وأهل التأويل ففيه إشكال لأنها إذا فسرت بمعنى القدرة فقدرته واحدة، والقرآن ناطق بإثبات اليدين، وأجيب عنه بأن هذه الآية على طريق التمثيل على وفق كلامهم كقوله تعالى:(ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك) والعرب تطلق غل اليد على البخل وبسطها على الجود مجازاً ولا يريدون الجارحة كما يصفون البخيل بأنه جعد الأنامل ومقبوض الكف، فمراد اليهود هنا عليهم لعائن الله أن الله بخيل، قال ابن عباس: مغلولة أي بخيلة.
وإن فسرت بالنعمة فنص القرآن ينطق باليدين، ونعمه غير محصورة، وأجيب عنه بأن هذا بحسب الجنس، ويدخل تحته أنواع كثيرة لا نهاية لها وما أبعده.