فليفتح العلماء لهذه الآية مسامعهم ويفرجوا لها عن قلوبهم، فإنها قد جاءت بما فيه البيان الشافي لهم بأن كفهم عن المعاصي مع ترك إنكارهم على أهلها لا يسمن ولا يغني من جوع، بل هم أشدّ حالاً وأعظم وبالاً من العصاة، فرحم الله عالماً قام بما أوجبه الله عليه من فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهو أعظم ما افترضه الله عليه، وأوجب ما وجب عليه النهوض به.
اللهم اجعلنا من عبادك الصالحين الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر الذين لا يخافون فيك لومة لائم وأعنّا على ذلك وقوّنا عليه، ويسره لنا وانصرنا على من تعدى حدودك وظلم عبادك أنه لا ناصر لنا سواك ولا مستعان غيرك يا مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين، وقد وردت أحاديث كثيرة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا حاجة لنا في بسطها هنا.
ففي الآية أيضاً ذم لعلماء المسلمين على توانيهم في النهي عن المنكرات، ولذلك قال ابن عباس: ما في القرآن آية أشد توبيخاً من هذه الآية، وقال الضحاك: ما في القرآن آية أخوف عندي منها، وفيه دلالة على أن تارك النهي عن المنكر بمنزلة مرتكبه لأن الله تعالى ذم الفريقين في هذه الآية.