(وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا) يحتمل أنه من عند الله مستأنف ويحتمل أنه من جملة المقول المأمور به، أمرهم الله سبحانه بالاستماع للقرآن والإنصات له عند قراءته لينتفعوا به ويتدبروا ما فيه من الحكم والمصالح وقال أبو البقاء: الضمير لله بمعنى لأجله وفيه بعد.
قيل هذا الأمر خاص بوقت الصلاة عند قراءة الإمام ولا يخفاك أن اللفظ أوسع من هذا والعام لا يقتصر على سببه فيكون الاستماع والإنصات عند قراءة القرآن في كل حالة وعلى أي صفة مما يجب على السامع، وقيل هذا خاص بقراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم للقرآن دون غيره ولا وجه لذلك، وظاهر الأمر الوجوب، وهو قول الحسن وأهل الظاهر وقيل الندب والاستحباب.
قال أبو هريرة: نزلت في رفع الأصوات وهم خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة وفي لفظ عنه أنهم كانوا يتكلمون في الصلاة بحوائجهم فأمروا بالسكوت، وإليه ذهب جمهور المفسرين كما في المعالم والكشاف وأنوار التنزيل وحاشية الكمالين وغيرها، وقال ابن عباس: يعني في الصلاة المفروضة وعن محمد بن كعب القرظي ومجاهد وعبد الله بن مغفل وابن مسعود نحوه.
وقد روي نحو هذا عن جماعة من السلف، وصرحوا بأن هذه الآية نزلت في قراءة الصلاة من الإمام، وعن الحسن قال: عند الصلاة المكتوبة وعند الذكر، وعن ابن عباس في الصلاة وحين ينزل الوحي، وقيل نزلت في السكوت عند الخطبة يوم الجمعة، وبه قال سعيد بن جبير ومجاهد وعطاء واختاره جماعة وفيه بعد، لأن الآية مكية، والجمعة إنما وجبت بالمدينة والأول أولى، وقال ابن عباس في الجمعة والعيدين.