(كالذين من قبلكم) شبه حال المنافقين بالكفار الذين كانوا من قبلهم ملتفتاً من الغيبة إلى الخطاب، أي أنتم مثل الناس قبلكم أو المعنى فعلتم مثل فعل الذين مضوا من قبلكم من الأمم.
وقال الزجاج: التقدير وعد الله الكفار نار جهنم وعداً كما وعد الذين من قبلهم وقيل المعنى فعلتم كأفعال الذين من قبلكم في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقبض الأيدي.
ثم وصف حال هؤلاء الكفار الذين من قبلهم وبين وجه تشبيههم بهم وتمثيل حالهم بحالهم بأنهم (كانوا أشد منكم قوة) أي بطشاً في الأبدان ومنعة من هؤلاء المنافقين والكفار المعاصرين للنبي صلى الله عليه وآله وسلم (وأكثر أموالاً وأولاداً) منكم.
(فاستمتعوا) أي تمتعوا، وفي صيغة الاستفعال ما ليس في صيغة التفعل من الاستزادة والاستدامة في التمتع (بخلاقهم) أي نصيبهم الذي قدره الله لهم من ملاذ الدنيا وخاضوا في الباطل واشتقاقه من الخلق بمعنى التقدير، فإنه ما قدر لصاحبه (فاستمتعتم) أنتم (بخلاقكم) أي نصيبكم الذي قدره الله لكم (كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم) أي انتفعتم به كما انتفعوا به.
والغرض من هذا التمثيل ذم هؤلاء المنافقين والكفار بسبب مشابهتهم بمن قبلهم من الكفار في الاستمتاع بما رزقهم الله من الشهوات الفانية والتشاغل بها عن السعي في العاقبة والسعي في تحصيل اللذائذ الحقيقية.