(قل) لهم يا أشرف الخلق مذكراً لهم بما دفع عنه المولى من المفاسد. وجمع لهم من المصالح ليرجعوا إليه ولا يعولوا في حال من الأحوال إلا عليه (هو الذي أنشأكم) إنشاء بديعاً (وجعل لكم السمع) لتسمعوا به آيات الله وتتمسكوا بما فيها من الأوامر والنواهي وتتعظوا بموعظها.
(والأبصار) لتبصروا بها الآيات التكوينية الشاهدة بشؤون الله عز وجل، ووجه إفراد السمع مع جمع الأبصار أنه مصدر يطلق على الكثير والقليل، وقد قدمنا بيان هذا في مواضع مع زيادة البيان.
(والأفئدة) لتفكروا بها في مخلوقات الله وآياته التنزيلية والتكوينية وترتقوا في معارج الإيمان والطاعة، وخصها بالذكر لأنها آلات العلم، وذكر الله سبحانه ههنا أنه قد جعل لهم ما يدركون به المسموعات والمبصرات والمعقولات إيضاحاً للحجة وقطعاً للمعذرة وذماً لهم على عدم شكر نعم الله ولهذا قال:
(قليلاً ما تشكرون) أي باستعمال هذه الحواس فيما خلقت لأجله من الأمور المذكورة وقليلاً نعت لمحذوف " وما " مزيدة لتأكيد التقليل أي شكراً قليلاً أو زماناً قليلاً فالقلة على ظاهرها وقيل أراد بقلة الشكر عدم وجوده منهم إن كان الخطاب للكفرة، قال مقاتل: يعني أنكم لا تشكرون رب هذه النعم فتوحدونه.