للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨)

(ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة) أي أهل دين واحد إما أهل ضلالة أو أهل هدى، وقيل معناه جعلهم مجتمعين على الحق غير مختلفين فيه أو مجتمعين على دين الإسلام دون سائر الأديان ولكنه لم يشأ ذلك فلم يكن ولهذا قال:

(ولا يزالون مختلفين) في ذات بينهم على أديان شتى ما بين يهودي ونصراني ومجوسي ومشرك ومسلم فكل هؤلاء قد اختلفوا في أديانهم اختلافاً كثيراً لا ينضبط، وقيل مختلفين في الحق أو دين الإسلام وقيل مختلفين في الرزق فهذا غني وهذا فقير، وعن ابن عباس في الآية قال: أهل الحق وأهل الباطل. عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة أو اثنتين وسبعين والنصارى كذلك وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة " (١).

أخرجه أبو داود والترمذي بنحوه عن معاوية قال: قام فينا رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) فقال: " ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على اثتتين وسبعين فرقة وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة " (٢)، أخرجه أبو داود.

قال الخطابي: فيه دلالة على أن هذه الفرق غير خارجة عن الملة والدين إذ جعلهم من أمته، وقال غيره: المراد بها أهل البدع والأهواء الذين تفرقوا واختلفوا وظهروا بعده كالخوارج والقدرية والمعتزلة والرافضة وغيرهم والمراد بالواحدة هي فرقة السنة والجماعة الذين اتبعوا الرسول في قوله وفعله ولم يقلدوا أحداً في خلافه.


(١) أبو داود كتاب السنة باب ١.
(٢) أبو داود كتاب السنة باب ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>