(ثم لم تكن فتنتهم) أي معذرتهم قاله ابن عباس: أي التي يتوهمون أن يتخلصوا بها أو حجتهم والفتنة التجربة من فتنت الذهب إذا خلصته، قال الزجاج: فيه معنى لطيف وذلك أن الرجل يفتتن بمحبوب ثم تصيبه فيه محنة فيتبرأ منه فيقال لم تكن فتنته إلا بذلك المحبوب، فكذلك الكفار فتنوا بمحبة الأصنام ثم لما رأوا العذاب تبرؤوا منها، وقيل المراد بالفتنة هنا جوابهم وسماه فتنة لأنه لم يكن جوابهم إلا الجحود والتبري فكان هذا الجواب فتنة لكونه كذباً.
(إلا أن قالوا) يعني المنافقين والمشركين قالوا: وهم في النار هلم فلنكذب فلعله أن ينفعنا والاستثناء مفرغ (والله ربنا ما كنا مشركين) قال القاضي: يكذبون ويحلفون عليه مع علمهم بأنه لا ينفع من فرط الحيرة والدهشة، قال الزجاج: تأويل هذه الآية أن الله عز وجل أخبر بقصص المشركين وافتتانهم، ثم أخبر أن فتنتهم لم تكن حين رأوا الحقائق إلا أن انتفوا من الشرك، ونظير هذا في اللغة أن ترى إنساناً يحب غاوياً فإذا وقع في هلكه تبرأ منه فتقول ما كانت محبتك إياه إلا أن تبرأت منه انتهى.
فالمراد بالفتنة على هذا كفرهم أي لم تكن عاقبة كفرهم الذي افتخروا به وقاتلوا عليه إلا ما وقع منهم من الجحود والحلف على نفيه بقولهم والله الخ.