(فكيف تتقون) أي فكيف تقون أنفسكم وتوجدون الوقاية التي تقي أنفسكم، والمعنى لا سبيل لكم إلى التقوى إذا رأيتم القيامة، وقيل معناه فكيف تتقون العذاب يوم القيامة (إن كفرتم) أي إذا بقيتم على كفركم في الدنيا (يوماً) أي عذاب يوم.
(يجعل الولدان شيباً) لشدة هوله أي يصير الولدان شيوخاً شمطاً، والشيب جمع أشيب، وهذا يجوز أن يكون حقيقة وأنهم يصيرون كذلك، أو تمثيلاً لأن من شاهد الهول العظيم تقاصرت قواه وضعفت أعضاؤه وصار كالشيخ في الضعف وسقوط القوة، قال الشاعر:
قال في المصباح والشيب ابيضاض الشعر المسود وشيب الحزن رأسه وبرأسه بالتشديد وأشابه بالألف وأشاب به فشاب في المطاوع انتهى. وفي القاموس الشيب الشعر وبياضه كالمشيب وهو أشيب، ولا فعلاء له أي لا يقال امرأة شيباء كما في المصباح، وقومٌ شِيبٌ وَشُيُبٌ بضمتين، وقيل يحتمل أن يكون المراد وصف ذلك اليوم بالطول وأن الأطفال يبلغون منه الشيخوخة والشيب، والأول أولى. وفي هذا توبيخ لهم شديد وتقريع عظيم.
قال الحسن أي كيف تتقون يوماً يجعل الولدان شيباً إذ كفرتم وكذا قرأ ابن مسعود وعطية، ويوماً مفعول به لتتقون، قال ابن الأنباري: ومنهم من نصب اليوم بكفرتم، وهذا قبيح، والولدان الصبيان.
وعن ابن عباس " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ يجعل الولدان شيباً قال ذلك يوم القيامة. وذلك يوم يقول الله لآدم قم فابعث من ذريتك بعثاً إلى النار، قال من كم يا رب؟ قال من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين