(ولقد يسرنا القرآن للذكر) أي سهلناه للإدكار والإتعاظ، بأن وشحناه بأنواع المواعظ والعبر الشافية، وصرفنا فيه من الوعد والوعيد، يحفظه الصغير والكبير، والعربي والعجمي وغيرهم، قال ابن عباس: لولا أن الله يسره على لسان الآدميين ما استطاع أحد من الخلق أن يتكلموا بكلام الله.
وأخرج الديلمي. عن أنس مرفوعاً مثله، وقال سعيد بن جبير: يسرناه للحفظ والقراءة، وليس شيء من كتب الله يقرأ كله ظاهراً إلا القرآن، والجملة قسمية وردت في آخر القصص الأربع، تقريراً لمضمون ما سبق، وتنبيهاً على أن كل قصة منها مستقلة بإيجاب الإدكار فيها، كافية في الازدحار، ومع ذلك لم تقع واحدة في حيز الاعتبار، أي: وتالله لقد سهلنا القرآن لقومك، بأن أنزلناه على لغتهم.
(فهل من مدكر)؟ أي متعظ بمواعظه، ومعتبر لعبره، وطالب لحفظه، فيعان عليه، وقارىء يقرأه، وطالب علم وخير، وقال ابن عباس: هل من متذكر؟ كرر هذا في هذه السورة للتنبيه والإفهام، وقيل: إن الله تعالى اقتص في هذه السورة على هذه الأمة أنباء الأمم، وقصص المرسلين، وما عاملتهم به الأمم، وما كان من عقبى أمورهم وأمور المرسلين، فكان في كل قصة ونبأ ذكر للمستمع أن لو تذكر، وإنما كرر هذه الآية عند كل قصة بقوله: فهل من مذكر؟ لأن هل كلمة استفهام تستدعي أفهامهم التي ركبت في أجوافهم، وجعلها حجة عليهم، فاللام من هل للإستعراض، والهاء للإستخراج، وفي الآية الحث على درس القرآن، والإستكثار من تلاوته، والمسارعة في تعلمه.