(ثم إن ربك للذين هاجروا) من دار الكفر إلى دار الإسلام، وخبر (إن) محذوف أي لغفور رحيم؛ وقيل الخبر هو الذين هاجروا، أي إن ربك لهم بالولاية والنصرة لا عليهم وفيه بعد، قال في الكشاف (ثم) هاهنا للدلالة على تباعد حال هؤلاء، يعني الذين نزلت الآية فيهم عن حال أولئك، وهم عمار وأصحابه، ويدل على ذلك ما روي أنها نزلت في ابن أبي السرح.
قال ابن عباس: كان قوم من أهل مكة أسلموا وكانوا يستخفون بالإسلام فنزلت فيهم هذه الآية فكتبوا بذلك إليهم أن الله قد جعل لكم مخرجاً فأخرجوا فأدركهم المشركون فقاتلوهم فنجى من نجى وقتل من قتل.
(من بعد ما فتنوا) أي فتنتهم الكفار بتعذيبهم لهم ليرجعوا في الكفر، وقرئ فتنوا على البناء للفاعل وهي سبعية أيضاً، أي للذين فتنوا المؤمنين وعذبوهم على الإسلام (ثم جاهدوا) في سبيل الله (وصبروا) على ما أصابهم من الكفار وعلى ما يلقونه من مشاق التكليف (إن ربك من بعدها) أي من بعد الفتنة التي فتنوها أو بعد المهاجرة أو الجهاد أو الصبر أو جميع ذلك (لغفور رحيم) أي كثير الغفران والرحمة لهم.
ومعنى الآية على قراءة البناء للفاعل واضح ظاهر، أي إن ربك لهؤلاء الكفار الذين فتنوا من أسلم وعذبوهم ثم جاهدوا وصبروا لغفور رحيم، وأما على قراءة البناء للمفعول وهي قراءة الجمهور فالمعنى أن هؤلاء المفتونين الذين تكلموا بكلمة الكفر مكرهين وصدورهم غير منشرحة للكفر إذا صلحت أعمالهم وجاهدوا في الله وصبروا على المكاره لغفور لهم رحيم بهم.