(ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه) وفي ذلك تعزية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتسلية له ببيان أن قوم غيره من الأنبياء كانوا يصنعون مع أنبيائهم ما يصنعه قومه معه، واللام جواب قسم محذوف والواو للاستئناف، وهذا شروع في خمس قصص هذا أولها؛ والثانية قصة هود أولها (ثم أنشأنا من بعدهم قرناً آخرين) والثالثة قوله (ثم أنشأنا من بعدهم قروناً آخرين) والرابعة قصة موسى وهارون المذكورة بقوله (ثم أرسلنا موسى وأخاه) والخامسة قصة عيسى وأمه المذكورة بقوله: (وجعلنا ابن مريم وأمّه آية).
ثم إن اسم نوح يشكر، ونوح لقبه على ما قاله الرازي، أو عبد الله على ما قاله السيوطي، وعاش نوح من العمر ألف سنة وخمسين كما مرّ مراراً، وقدمت قصته لتتصل بقصة آدم المذكورة للمناسبة بين نوح وآدم من حيث أنه آدم الثاني، لانحصار النوع الإنساني بعده في نسله.
(فقال يا قوم اعبدوا الله) وحده وأطيعوه ولا تشركوا به شيئاً كما يستفاد من الآيات الآخرة؛ وجملة (ما لكم من إله غيره) واقعة موقع التعليل لما قبلها؛ أي ما لكم في الوجود إله غيره سبحانه، ومن زائدة.
(أفلا تتقون) تخافون أن تتركوا عبادة ربكم الذي لا يستحقها غيره وليس لكم إله سواه. وقيل المعنى أفلا تخافون أن يرفع عنكم ما خوّلكم من النعم ويسلبها عنكم؟ وقيل المعنى أفلا تقون أنفسكم عذابه الذي تقتضيه ذنوبكم بعبادتكم غيره؟.