(هو الذي يصوركم في الأرحام) أصل اشتقاق الصورة من صاره على كذا أي أماله إليه فالصورة مائلة إلى شبه وهيئة، والتصوير جعل الشيء على صورة، والصورة هيئة يكون عليها الشيء بالتأليف، والأرحام جمع رحم، وأصل الرحم من الرحمة لأنه مما يتراحم به، وهذه الجملة مستأنفة مشتملة على بيان إحاطة علمه وإن من جملة معلوماته ما لا يدخل تحت الوجود وهو تصوير عباده في أرحام أمهاتهم من نطف آبائهم.
(كيف يشاء) من حسن وقبيح وأسود وأبيض وطويل وقصير وذكر وأنثى وكامل وناقص، قيل وقد كان عيسى ممن صور في الأرحام لا يدفعون ذلك ولا ينكرونه كما صور غيره من بني آدم، فكيف يكون إلهاً وقد كان بذلك المنزل، والمعنى أنه الذي يصوركم في ظلمات الأرحام صوراً مختلفة في الشكل والطبع واللون، متفاوتة في الخلقة وذلك من نطفة.
وعن ابن عباس وابن مسعود وناس من الصحابة قالوا إذا وقعت النطفة في الأرحام صارت في الجسد أربعين يوماً ثم تكون علقة أربعين يوماً ثم تكون مضغة أربعين، يوماً، فإذا بلغ أن يخلق بعث الله ملكاً يصورها فيأتي الملك بتراب بين إصبعيه فيخلط منه المضغة ثم يعجنه بها ثم يصورها كما يؤمر فيقول أذكر أم أنثى أشقي أم سعيد وما رزقه وما عمره وما أثره وما مصائبه، فيقول الله ويكتب الملك، فإذا مات ذلك الجسد دفن حيث أخذ ذلك التراب، قيل هذا