(فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم) الويل الهلاك قال الفراء الأصل في الويل وي أي حزن كما تقول وي لفلان أي حزن له فوصلته العرب باللام، وقال الخليل ولم يسمع على بنائه إلا ويح وويس وويه وويك وويب، وكله متقارب في المعنى، وقد فرق بينها قوم وهي مصادر لم تنطق العرب بأفعالها وجاز الابتداء به وإن كان نكرة لأن فيه معنى الدعاء، وقال ابن عباس الويل شدة العذاب، وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الويل واد في جهنم يهوي فيه الكافر أربعين خريفاً قبل أن يبلغ قعره أخرجه الترمذي، وقال حديث غريب، والخريف السنة، والكتابة معروفة والمعنى أنهم يكتبون الكتاب المحرف ولا يبينون ولا ينكرونه على فاعله أو ما يكتبونه من التأويلات الزائفة، وقوله (بأيديهم) تأكيد لأن الكتابة لا تكون إلا باليد، فهو مثل قوله (ولا طائر يطير بجناحيه) وقوله (يقولون بأفواههم) قال ابن السراج هو كناية عن أنه من تلقائهم دون أن ينزل عليهم، وفيه أنه قد دل على أنه من تلقائهم قوله (ويكتبون الكتاب) فإسناد الكتابة إليهم يفيد ذلك.
(ثم يقولون هذا) أي جميعاً على الأول وبخصوصه على الثاني وثم للتراخي الرتبي فإن نسبة المحرف والتأويل الزائغ إلى الله سبحانه صريحاً أشد شناعة من نفس التحريف والتأويل (من عند الله ليشتروا به) أي بما كتبوا (ثمناً قليلاً) أي المآكل والرشاء، والاشتراء الاستبدال ووصفه بالقلة لكونه فانياً لا ثواب فيه أو لكونه حراماً لا تحل به البركة فهؤلاء الكتبة لم يكتفوا