(بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل) هذا إضراب عما يدل عليه التمني من الوعد بالإيمان والتصديق أي لم يكن ذلك التمني منهم عن صدق نية وخلوص اعتقاد، بل هو بسبب آخر وهو أنه بدا لهم ما كانوا يجحدون من الشرك وعرفوا أنهم هالكون بشركهم فعدلوا إلى التمني والمواعيد الكاذبة، وقيل ما كانوا يخفون من النفاق والكفر بشهادة جوارحهم عليهم.
وقيل ما كانوا يكتمون من أعمالهم القبيحة كما قال تعالى:(وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون) وقال المبرد: بدا لهم جزاء كفرهم الذي كانوا يخفونه وهو مثل القول الأول، وقيل المعنى أنه ظهر للذين اتبعوا الغواة ما كانوا يخفونه عنهم من أمر البعث والقيامة.
(ولو ردوا) إلى الدنيا حسبما تمنوا (لعادوا لما نهوا عنه) من القبائح التي رأسها الشرك كما عاين إبليس ما عاين من آيات الله ثم عاند - عن قتادة قال: لو وصل الله لهم دنيا كدنياهم التي كانوا فيها لعادوا إلى أعمالهم السوء التي كانوا نهوا عنها، وقال ابن عباس: أخبر الله سبحانه أنهم لو ردوا لم يقدروا على الهدى أي ولو ردوا إلى الدنيا لحيل بينهم وبين الهدى كما حيل بينهم وبينه أول مرة وهم في الدنيا.
(وإنهم لكاذبون) أي متصفون بهذه الصفة لا ينفكون عنها بحال من الأحوال ولو شاهدوا ما شاهدوا، وقيل كاذبون فيما أخبروا به عن أنفسهم من الصدق والإيمان.