(الذين يتربّصون بكم) أي ينتظرون بكم ما يتجدد ويحدث لكم من خير أو شر، يقال تربصت الأمر تربصاً انتظرته، والربصة وزان غرفة اسم منة، وتربصت الأمر بفلان انتظرت وقوعه به، والخطاب في (بكم) للمؤمنين والموصول صفة للمنافقين أو بدل منهم فقط دون الكافرين لأن التربص المذكور هو من المنافقين دون الكافرين، وعليه جرى القاضي كالكشاف ويجوز أن يكون على الذم.
(فإن كان لكم فتح) هذه الجملة والتي بعدها حكاية لتربصهم أي إن حصل لكم فتح (من الله) بالنصر على من يخالفكم من الكفار وبالظفر على عدوكم وغنيمة تنالون منهم (قالوا) لكم (ألم نكن معكم) في الإتصاف بظاهر الإسلام والتزام أحكامه والمظاهرة والتسويد وتكثير العدد.
(وإن كان للكافرين نصيب) من الغلب لكم والظفر بكم (قالوا) للكافرين (ألم نستحوذ عليكم) أي ألم نقهركم ونغلبكم ونتمكن منكم ولكن أبقينا عليكم، وقيل المعنى أنهم قالوا للكفار الذين ظفروا بالمسلمين ألم نستحوذ عليكم حتى هابكم المسلمون وخذلناهم عنكم.
والأول أولى فإن معنى الاستحواذ الغلب يقال استحوذ على كذا أي غلب عليه، ومنه قوله تعالى (استحوذ عليهم الشيطان) ولا يصح أن يقال ألم نغلبكم حتى هابكم المسلمون، ولكن المعنى ألم نغلبكم يا معشر الكافرين ونتمكن منكم فتركناكم وأبقينا عليكم حتى حصل لكم هذا الظفر بالمسلمين.