للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسمي ظفر المسلمين فتحاً، وظفر الكافرين نصيباً تعظيماً لشأن المسلمين وتحقيراً لحظ الكافرين لتضمّن الأول نصرة دين الله وإعلاء كلمته، ولهذا أضاف الفتح إليه تعالى، وحظ الكافرين في ظفرهم دنيوي سريع الزوال، قاله الكرخي.

(ونمنعكم من المؤمنين) بتخذيلهم وتثبيطهم عنكم حتى ضعفت قلوبهم عن الدفع لكم وعجزوا عن الانتصاف منكم، والمراد أنهم يميلون إلى من له الغلب والظفر من الطائفتين، ويظهرون لهم أنهم كانوا معهم على الطائفة المغلوبة (١).

وهذا شأن المنافقين أبعدهم الله وشأن من حذا حذوهم من أهل الإسلام من التظهّر لكل طائفة بأنه معها على الأخرى، والميل إلى من معه الحظ من الدنيا في مال أو جاه فيلقاه بالتملق والتودد والخضوع والذلة، ويلقى من لا حظ له من الدنيا بالغلظة وسوء الخلق ويزدري به ويكافحه بكل مكروه، فقبّح الله أخلاق أهل النفاق وأبعدها.

(فالله يحكم بينكم) وبينهم (يوم القيامة) بما انطوت عليه ضمائرهم من النفاق والبغض للحق وأهله، ففي هذا اليوم تنكشف الحقائق وتظهر الضمائر، وإن حقنوا في الدنيا دماءهم وحفظوا أموالهم بالتكلم بكلمة الإسلام نفاقاً، وقيل يحكم بأن يدخلكم الجنة ويدخلهم النار (٢).


(١) أخرجه عبد الرزاق: ٥١، وابن جرير ٩/ ٣٢٧ بإسناد صحيح، والحاكم ٢/ ٣٠٩. وصححه ووافقه الذهبي، والسيوطي في " الدر " ٢/ ٢٣٥.
(٢) ذكر القرطبي في " تفسيره " ٥/ ٤١٩ للآية التأويل الثالث: وهو أن الله سبحانه لا يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلاً منه إلا أن يتواصوا بالباطل ولا يتناهوا عن المنكر، ويتقاعدوا عن التوبة، فيكون تسليط العدو من قبلهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>