(ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً) هذا في يوم القيامة إذا كان المراد بالسبيل النصر والغلب، أو في الدنيا إن كان المراد به الحجة يعني أن حجة المؤمنين غالبة في الدنيا على الكافرين وليس لأحد أن يغلبهم بالحجة، قال ابن عطية: قال جميع أهل التأويل: إن المراد بذلك يوم القيامة، وبه قال علي وابن عباس.
قال ابن العربي وهذا ضعيف لعدم فائدة الخبر فيه وسببه توهم من توهم أن آخر الكلام يرجع إلى أوله يعنى قوله (فالله يحكم بينكم يوم القيامة) وذلك يسقط فائدته إذ يكون تكراراً، هذا معنى كلامه.
وقيل المعنى أن الله لا يجعل للكافرين سبيلاً على المؤمنين يمحو به دولتهم بالكلية ويذهب آثارها، ويستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من بأقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضاً ويسبي بعضهم بعضاً. وقيل: إنه سبحانه لا يجعل للكافرين سبيلاً على المؤمنين ما داموا عاملين بالحق غير راضين بالباطل، ولا تاركين للنهي عن المنكر، كما قال تعالى (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم) قال ابن العربي: وهذا نفيس جداً وقيل إن الله لا يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلاً شرعاً فإن وجد فبخلاف الشرع فإن شريعة الإسلام ظاهرة إلى يوم القيامة.
هذا خلاصة ما قاله أهل العلم في هذه الآية وهي صالحة للاحتجاج بها على كثير من المسائل منها أن الكافر لا يرث المسلم، ومنها أن الكافر إذا استولى على مال المسلم لم يملكه، ومنها أن الكافر ليس له أن يشتري عبداً مسلماً، ومنها أن المسلم لا يُقتل بالذمي إلى غير ذلك من الأحكام.