(ولا أنتم عابدون ما أعبد) للاستقبال لأن الجملة الاسمية تفيد الدوام والثبات في كل الأوقات فدخول النفي عليها يرفع ما دلت عليه من الدوام والثبات في كل الأوقات، ولو كان حملها على الاستقبال صحيحاً للزم مثله في قوله:(ولا أنا عابد ما عبدتم) وفي قوله (ولا أنتم عابدون ما أعبد) فلا يتم ما قيل من حمل الجملتين الآخرتين على الحال.
وكما يندفع هذا يندفع ما قيل من العكس لأن الجملة الثانية والثالثة والرابعة كلها جمل اسمية مصدرة بالضمائر التي هي المبتدأ في كل واحد منها مخبر عنها باسم الفاعل العامل فيها بعده منفية كلها بحرف واحد وهو لفظ لا في كل واحد منها فكيف يصح القول مع هذا الاتحاد بأن معانيها في الحال والاستقبال مختلفة.
وأما قول من قال أن كل واحد منها يصلح للحال والإستقبال فهو إقرار منه بالتكرار، لأن حمل هذا على معنى، وحمل هذا على معنى، مع الاتحاد يكون من باب التحكم الذي لا يدل عليه دليل.
وإذا تقرر لك هذا فاعلم أن القرآن نزل بلسان العرب، ومن مذاهبهم التي لا تجحد، واستعمالاتهم التي لا تنكر، أنهم إذا أرادوا التأكيد كرروا كما أن من مذاهبهم أنهم إذا أرادوا الاختصار أوجزوا، هذا معلوم لكل من له علم بلغة العرب، وهذا مما لا يحتاج إلى إقامة البرهان عليه، لأنه إنما