للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٩٩)

(ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس) فيه الخطاب للحمس من قريش لأنهم كانوا لا يقفون مع الناس بعرفات، بل كانوا يقفون بالمزدلفة وهي من الحرم، فأمروا بذلك.

وقد ورد في هذا المعنى روايات عن الصحابه والتابعين عند البخاري ومسلم وغيرهما، وعلى هذا يكون ثم لعطف جملة بمعنى الواو لا للترتيب، وقيل الخطاب لجميع الأمة، والمراد بالناس " إبراهيم " أي أفيضوا من حيث أفاض إبراهيم فيحتمل أن يكون أمراً لهم بالإضافة من عرفة، ويحتمل أن تكون إفاضة أخرى وهي التي من مزدلفة، وعلى هذا يكون " ثم " على بابها للترتيب في الذكر لا في الزمان الواقع فيه الأعمال، وقد رجح هذا الاحتمال الأخير ابن جرير الطبري وهو الذي يقتضيه ظاهر القرآن.

(واستغفروا الله) أي من مخالفتكم في الموقف ولجميع ذنوبكم، وإنما أمروا بالاستغفار لأنهم في مساقط الرحمة، ومواطن القبول، ومظنات الإجابة، وقيل أن المعنى استغفروا للذي كان مخالفاً لسنة إبراهيم وهو وقوفكم بالمزدلفة دون عرفة، وقد وردت أحاديث كثيرة في المغفرة لأهل عرفة ونزول الرحمة عليهم وإجابة دعائهم (١).

(إن الله غفور رحيم) أي ساتر لذنوب عباده برحمته، وفيه دليل على أنه يقبل التوبة من عباده التائبين ويغفر لهم.


(١) منها: أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة وأفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
ومنها: ما من يوم أكثر أن يعتق الله فيه عدداً من النار من يوم عرفة.
ومنها: ما رؤى الشيطان يوماً هو فيه أصغر ولا أحقر ولا أدحر ولا أغيظ منه في يوم عرفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>