(ثم) موضوعة للتراخي في الزمان ولا تراخي هنا فهي محمولة على الإستبعاد مجازاً (قست قلوبكم) أي يبست وجفت وقيل غلظت واسودت وصلبت، وقساوة القلب انتزاع الرحمة منه والقسوة الصلابة واليبس وهي عبارة عن خلوها من الإنابة والإذعان لآيات الله مع وجود ما يقتضي خلاف هذه القسوة من إحياء القتيل وتكلمه وتعيينه لقاتله، وفيه استعارة تبعية تمثيلية تشبيهاً لحال القلوب في عدم الاعتبار والإتعاظ بالقسوة.
والإشارة بقوله (من بعد ذلك) إلى ما تقدم من الأيات الموجبة للين القلب ورقته التي جاء بها موسى أو إحياء القتيل بعد ضربه ببعض البقرة، وهذا مؤكد للاستبعاد المذكور أشد تأكيد (فهي) أي القلوب في الغلظة والشدة (كالحجارة) أي كالشيء الصلب الذي لا تخلخل فيه.
قيل (أو) في قوله (أو أشد قسوة) بمعنى الواو كما في قوله تعالى (آثماً أو كفوراً) وقيل هي بمعنى بل واختاره أبو حيان، وعلى أن " أو " على أصلها أو بمعنى الواو فالعطف على قوله كالحجارة أي هذه القلوب هي كالحجارة أو هي أشد قسوة منها فشبهوها بأي الأمرين شئتم فإنكم مصيبون في هذا التشبيه، وقد أجاب الرازي في تفسيره عن وقوع أو ههنا مع كونها للترديد الذي لا يليق بعلام الغيوب بثمانية أوجه.
(وإن من الحجارة) قال في الكشاف إنه بيان لفضل قلوبهم على الحجارة في شدة القسوة وتقرير لقوله أو أشد قسوة انتهى، وفيه أن مجيء البيان بالواو غير معروف ولا مألوف والأولى جعل ما بعد الواو تذييلاً أو حالاً (لما