(إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله) مستأنفة مسوقة لتقرير ما تقدمها من الأحكام، وإنما من صيغ الحصر، والمعنى لا يتم إيمان ولا يكمل حتى يؤمن بالله ورسوله (وإذا كانوا معه) أي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو صلة ثانية ومحط الكمال (على أمر جامع) أي طاعة يجتمعون عليها نحو الجمعة والجماعة والنحر والفطر والجهاد أو تشاور في أمر وأشباه ذلك.
وسمى الأمر جامعاً مبالغة، وفيه إسناد مجازى لأن الأمر لما كان سبباً في جمعهم نسب الجمع إليه مجازاً، وقرئ على أمر جميع والحاصل أن الأمر الجامع والجميع هو الذي يعم نفعه أو ضرره وهو الأمر الجليل الذي يحتاج إلى اجتماع أهل الرأي والتجارب.
(لم يذهبوا) أي يتفرقوا عنه ولم ينصرفوا عما اجتمعوا له لعروض عذر لهم (حتى يستأذنوه) واعتبار هذا في كمال إيمانهم لأنه كالمصداق لصحته والمميز المخلص فيه عن المنافق، فإن ديدنه وعادته التسلل والفرار، ولتعظم الجرم في الذهاب عن مجلس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بغير إذنه.