للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ولو بسط الله الرزق لعباده) جميعهم، أي لو وسع الله لهم رزقهم (لبغوا) أي لعصوا وطغوا جميعهم (في الأرض) وبطروا النعمة وتكبروا وطلبوا ما ليس لهم طلبه، لأن الغنى مبطرة مأشرة، وكفى بحال قارون وفرعون عبرة وقيل المعنى لو جعلهم سواء في الرزق لما انقاد بعضهم لبعض ولتعطلت الصنائع، والأول أولى، والظاهر عموم أنواع الرزق وقيل هو المطر خاصة وذكروا في كون بسط الرزق موجباً للطغيان وجوهاً لا نطول بذكرها؛ وأصل البغي طلب تجاوز الاقتصاد فيما يتحرى كمية أو كيفية، وفي القرطبي بغيهم طلبهم منزلة بعد منزلة، ودابة بعد دابة، ومركباً بعد مركب، وملبساً بعد ملبس.

(ولكن ينزل) بالتشديد وضده سبعيتان (بقدر ما يشاء) أي ينزل من الرزق لعباده بتقدير على حسب مشيئته، وما تقتضيه حكمته البالغة (إنه بعباده) أي بأحوالهم (خبير بصير) بما يصلحهم من توسيع الرزق وتضييقه فيقدر لكل أحد منهم ما يصلحه ويكفيه عن الفساد بالبغي في الأرض ويقدر لهم ما تقتضيه حكمته، فيفقر ويغني، ويمنع ويعطي، ويبسط ويقبض، ولو أغناهم جميعاً لبغوا، ولو أفقرهم لهلكوا، وما ترى من البسط على من يبغي، ومن البغي بدون البسط فهو قليل، ولا شك أن البغي مع الفقر أقل ومع البسط أكثر وأغلب، عن أبي هانىء الخولاني قال: سمعت عمرو بن خريت وغيره يقولون: " إنما أنزلت هذه الآية في أصحاب الصفة وذلك أنهم قالوا لو أن لنا فتمنوا الدنيا " قال السيوطي سنده صحيح وعن علي " مثله ".

<<  <  ج: ص:  >  >>