(وما نتنزل إلا بأمر ربك) أي قال الله سبحانه قل يا جبريل، وما نتنزل وقتاً غب وقت، إلا بأمر الله على ما تقتضيه حكمته، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استبطأ نزول جبريل عليه حين سألوه في أمر الروح، وأصحاب الكهف، وذي القرنين، فأمر جبريل أن يخبره بأن الملائكة ما تتنزل إلا بأمر الله، قيل احتبس جبريل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين يوماً، وقيل خمسة عشر، وقيل اثني عشر، وقيل ثلاثة أيام، وقيل إن هذا حكاية عن أهل الجنة، وإنهم يقولون عند دخولها وما نتنزل هذه الجنان إلا بأمر ربك، والأول أولى بدلالة ما قبله، ومعناه يحتمل وجهين:
الأول: وما نتنزل عليك إلا بأمر ربك لنا بالتنزل.
والثاني: وما نتنزل عليك إلا بأمر ربك الذي يأمرك به بما شرعه لك ولأمتك. والتنزل: النزول على مهل فإنه مطاوع نزل بالتشديد وقد يطلق على مطلق النزول كما يطلق نزل المشدد بمعنى أنزل.
وقد أخرج البخاري وغيره، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل " ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا؟ "(١) فنزلت هذه الآية إلى آخرها وكان ذلك الجواب لمحمد صلى الله عليه وسلم، وفي الباب روايات تدل على أنه السبب في النزول، ثم أكد جبريل ما أخبر به النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال.
(له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك) أي من الجهات والأماكن أو من الأزمنة الماضية والمستقبلة وما بينهما من الزمان أو المكان الذي نحن فيه، فلا نقدر أن ننتقل من جهة إلى جهة، ومن مكان إلى مكان أو من زمان
(١) البخاري كتاب التوحيد باب ٢٨ - الإمام أحمد ١/ ٢٣١.