(وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات) الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو لبني إسرائيل والابتلاء الاختبار والامتحان أي ابتلاه بما أمره به وهو استعارة تبعية واقعة على طريق التمثيل، أي فعل معه فعلاً مثل فعل المختبر، والغرض من هذا التذكير توبيخ أهل الملل المخالفين، وذلك لأن إبراهيم يعترف بفضله جميع الطوائف قديماً وحديثاً، فحكى الله عن إبراهيم أموراً توجب على المشركين واليهود والنصارى قبول قول محمد صلى الله عليه وآله وسلم لأن ما أوجبه الله على إبراهيم جاء به محمد، وفي ذلك حجة عليهم.
وإبراهيم اسم أعجمي معناه في السريانية أب رحيم كذا قال الماوردي، قال ابن عطية: ومعناه في العربية ذلك، قال السهيلي: وكثيراً ما يقع الاتفاق بين السرياني والعربي، وفيه لغات، وكان مولد إبراهيم بالسوس من أرض الأهواز، وقيل ببابل، وقيل بكوثي، وهي قرية من سواد الكوفة، وقيل بحران ولكن أباه نقله إلى أرض بابل وهي أرض نمروذ الجبار.
وقد أورد صاحب الكشاف هنا سؤالاً في رجوع الضمير إلى إبراهيم مع كون رتبته التأخير، وأجاب عنه بأنه قد تقدم لفظاً فرجع إليه، والأمر في هذا أوضح من أن يشتغل بذكره أو ترد في مثله الأسئلة أو يسود وجه القرطاس بإيضاحه.
وقد اختلف العلماء في تعيين الكلمات فقيل هي شرئع الإسلام وقيل ذبح ابنه وقيل أداء الرسالة وقيل هي خصال الفطرة، وقيل قوله (إني جاعلك للناس إماماً) وقيل الطهارة، قال الزجاج: وهذه الأقوال ليست بمتناقضة لأن