تعرف صحة ما قدمناه لك عند أن شرع الله سبحانه في خطاب بني إسرائيل من هذه السورة فراجعه.
ثم حكى البقاعي بعد كلامه السابق عن الحراني أنه قال: كرره تعالى إظهاراً لمقصد التئام آخر الخطاب بأوله ليتخذ هذا الإفصاح والتعليم أصلاً لما يمكن بأن يرد من نحوه في سائر القرآن، حتى كان الخطاب إذا انتهى إلى غاية خاتمة يجب أن يلحظ القلب بداية تلك الغاية فيتلوها ليكون في تلاوته جامعاً لطرفي الثناء، وفي تفهمه جامعاً لمعاني طرفي المعنى انتهى.
وأقول لو كان هذا سبب التكرار لكان الأولى به ما عرفناك، وأما قوله وليتخذ ذلك أصلاً لما يرد من التكرار في سائر القرآن، فمعلوم أن حصول هذا الأمر في الأذهان وتقرره في الأفهام لا يختص بتكرار آية معينة يكون افتتاح هذا المقصد بها، فلم تتم حينئذ النكتة في تكرير هاتين الآيتين بخصوصهما، ولله الحكمة البالغة التي لا تبلغها الأفهام ولا تدركها العقول، فليس في تكلف هذه المناسبات المتعسفة إلا ما عرفناك به هنالك فتذكر.