(قال) مناجياً لربه سبحانه يا (رب السجن) أي دخوله الذي أوعدتني به هذه وقرأ عثمان السجن بفتح السين وهو مصدر سجنه سجناً (أحب إليّ) أي آثر عندي لأنه مشقة قليلة نافدة أثرها راحات جليلة أبدية (مما يدعونني إليه) من مؤاتاتها التي تؤدي إلى الشقاء والوقوع في المعصية العظيمة التي تذهب بخيري الدنيا والآخرة.
وهذا الكلام منه عليه السلام مبني على ما مر من انكشاف الحقائق لديه وبروز كل منها بصورتها اللائقة بها فصيغة التفضيل ليست على بابها إذ ليس له شائبة محبة لما دعته إليه وإنما هو والسجن شران أهونهما وأقربهما إلى الإيثار السجن وإن كان في أحدهما مشقة وفي الآخر لذة.
قال بعضهم: لو لم يقل هذا لم يبتل به فالأولى للعبد أن يسأل الله العافية ولذلك رد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على من كان يسأل الصبر، والتعبير عن الإيثار بالمحبة لحسم مادة طمعها عن المساعدة خوفاً من الحبس والاقتصار على ذكر السجن من حيث أن الصغار من فروعه ومستتبعاته وإسناد الدعوة إليهن جميعاً لأن النسوة رغبنه في مطاوعتها وخوفنه من مخالفتها.
وقيل أنهن جميعاً دعونه إلى أنفسهن أو لأنه كان بحضرتهن والأول أولى ثم جرى على هذا في نسبة الكيد إليهن جميعاً فقال: