(التائبون) رفع على المدح أي هم التائبون يعني المؤمنين والتائب الراجع أي هم الراجعون إلى طاعة الله عن الحالة المخالفة للطاعة، وقال الزجاج: عندي أن قوله التائبون رفع بالابتداء وخبره مضمر، أي التائبون ومن بعدهم إلى آخر الآية لهم الجنة أيضاً وإن لم يجاهدوا. قال: وهذا أحسن إذ لو كانت هذه أوصافاً للمؤمنين المذكورين لكان الوعد خاصاً بالمجاهدين.
وقد ذهب إلى هذا طائفة من المفسرين، وقيل إن الخبر قوله:(الآمرون) وقيل إن التائبون بدل من الضمير المستتر في يقاتلون، وذهب آخرون إلى أن هذه الأوصاف راجعة إلى المؤمنين في الآية الأولى وإنها على جهة الشرط، أي لا يستحق الجنة بتلك المبايعة إلا من كان من المؤمنين على هذه الأوصاف، وقال ابن عطية وقيل غير ذلك.
وجوز صاحب الكشاف أن يكون التائبون مبتدأ وخبره العابدون وما بعده إخبار كذلك أي التائبون عن الكفر على الحقيقة الجامعون لهذه الخصال، وفيه من البعد ما لا يخفى.
ثم قيل المراد به التوبة عن الشرك والبراءة من النفاق وقيل من كل معصية، وقيل من جميع المعاصي، لأن اللفظ عام يتناول الكل، وحاصل ما ذكر أوصاف تسعة، الستة الأولى تتعلق: لمعاملة الخالق، والسابع والثامن يتعلقان: لمعاملة المخلوق، والتاسع يعم القبيلين. قاله الحفناوي، وأتى بترتيب هذه الصفات في الذكر على أحسن نظم، وهو ظاهر بالتأمل فإنه قدم التوبة