(فقلنا اذهبا إلى القوم الذين كذبوا) وهم فرعون وقومه، يعني القبط (بآياتنا) هي التسع المذكورة التي تقدم ذكرها، وإن لم يكونوا قد كذبوا بها عند أمر الله لموسى وهارون، بالذهاب فيحمل الماضي على معنى الاستقبال أي سيكذبون بها. وقيل إنما وصفوا بالتكذيب عند الحكاية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بياناً لعلة استحقاقهم للعذاب. وقيل يجوز أن يراد إلى القوم الذين آلـ حالهم إلى أن كذبوا، وقيل إن المراد بوصفهم بالتكذيب عند الإرسال أنهم كانوا مكذبين للآيات الإلهية، وليس المراد آيات الرسالة. قال القشيري: وقوله تعالى في موضع آخر: (اذهب إلى فرعون إنه طغى). لا ينافي هذا لأنهما إذا كانا مأمورين، فكل واحد مأمور، ويمكن أن يقال: إن تخصيص موسى بالخطاب في بعض المواطن لكونه الأصل في الرسالة، والجمع بينهما في الخطاب لكونهما مرسلين جميعاً.
(فدمرناهم تدميراً) في الكلام حذف، أي فذهبا إليهم فكذبوهما فأهلكناهم إثر ذلك التكذيب إهلاكاً عظيماً، فاقتصر على حاشيتي القصة اكتفاء بما هو المقصود منها، وهو إلزام الحجة ببعثة الرسل. واستحقاق التدمير بتكذيبهم، وقيل إن المراد هنا الحكم به، لأنه لم يحصل عقب بعث موسى وهارون إليهم، بل بعده بمدة.