(إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها) هذه الجملة مستأنفة لبيان تناهي عداوتهم إلى كل حسنة، وأصل المس الجس باليد ثم يطلق على كل ما يصل إلى الشيء على سبيل التشبيه كما يقال مسه نصب وتعب، قاله الخازن وحسنة وسيئة تعمّان كل ما يحسن وما يسوء، وعبر بالمس في الحسنة وبالإصابة في السيئة للدلالة على أن مجرد مس الحسنة تحصل به المساءة ولا يفرحون إلا بإصالة السيئة، وقيل أن المس مستعار لمعنى الإصابة.
قال مقاتل: الحسنة النصر على العدو والرزق والخير ومنافع الدنيا، والسيئة القتل والهزيمة والجهد والجدب، ومعنى الآية أن من كانت هذه حالته لم يكن أهلاً لأن يتخذ بطانة.
(وأن تصبروا) على عداوتهم وأذاهم أو على التكاليف الشاقة (وتتقوا) الله في موالاتهم أو ما حرّمه الله عليكم (لا يضركم) وقرىء بكسر الضاد وسكون الراء يقال ضارّه يضيره ويضوره ضيراً بمعنى ضره يضره (كيدهم شيئاً) والكيد احتيالك لتوقع غيرك في مكروه، والمعنى لا يضركم شيئاً من الضرر بفضل الله وحفظه.
(إن الله بما يعملون) من الكيد، على قراءة الياء وعليها اتفق العشرة أو من الصبر والتقوى على قراءة التاء وهي شاذة للحسن البصري (محيط) أي حافظ له لا يعزب عنه شيء منه.