(حتى إذا رأوا ما يوعدون) من العذاب في الدنيا أو في الآخرة، والمعنى لا يزالون على ما هم عليه من الإصرار على الكفر وعداوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين إلى أن يروا الذي يوعدون به من العذاب، وحتى ابتدائية فيها معنى الغاية لمقدر قبلها يدل عليه الحال وهي قوله (خالدين) فإن الخلود في النار يستلزم استمرارهم على كفرهم وعدم انقطاعه بالإيمان إذ لو آمنوا لم يخلدوا في النار، ولو جعلت لمجرد الابتداء من غير ملاحظة معنى الغاية كما أشار إليه القرطبي لكان أسهل وأوضح فتكون جملة مستقلة بالاستفادة.
(فسيعلمون) عند حلوله بهم يوم بدر أو يوم القيامة (من أضعف ناصراً)" من " موصولة أي هو أضعف جنداً ينتصر به أو استفهامية، والأول أولى (وأقل عدداً) أي أعواناً أهم أم المؤمنون قال الخطيب أي أنا وإن كنت في هذا الوقت وحيداً مستضعفاً وأقل عدداً، أو هم وإن كانوا الآن بحيث لا يحصيهم عدداً إلا الله تعالى.
فيا لله ما أعظم كلام الرسل حيث يستضعفون أنفسهم ويذكرون قوتهم من جهة مولاهم الذي بيده الملك وله جنود السموات والأرض بخلاف الجبابرة فإنهم لا كلام لهم إلا في تعظيم أنفسهم، وازدراء غيرهم، والظاهر أن " إذا " شرطية وأن قوله (فسيعلمون) جوابها لكن يشكل عليه الاستقبال المفاد بالسين وذلك لأن وقت رؤية العذاب يحصل علم الضعيف من القوي، والسين تقتضي أنه يتأخر عنه، فليتأمل هذا المحل فإنه لم ينبه عليه أحد من المفسرين، ولا يتلخص منه إلا بجعل السين لمجرد التأكيد لا للاستقبال وله نظائر كثيرة، قاله الحفناوي.