(قال سآوي) أي سألتجئ وأصير (إلى جبل يعصمني) أي يمنعني بارتفاعه وعلوه (من) وصول (الماء) إليّ زعماً منه أن ذلك كسائر المياه في أزمنة السيول المعتادة التي ربما يتقي منها بالصعود إلى الربى، وأنى له ذلك وقد بلغ السيل الزبى، وجهلاً بأن ذلك إنما كان لإهلاك الكفرة، وأن لا محيص من ذلك سوى الالتجاء إلى ملجأ المؤمنين، فلذلك أراد عليه السلام أن يبين له حقيقة الحال، وأن يصرفه عن ذلك الفكر المحال.
(قال) أي فأجاب عنه نوح بقوله (لا عاصم) من الجبال أي لا مانع (اليوم من أمر الله) فإنه يوم قد حق فيه العذاب وجف القلم بما هو كائن، فيه نفي جنس العاصم فيندرج تحته العاصم من الغرق في ذلك اليوم اندراجاً أولياً، وعبر عن الماء أو عن الغرق بأمر الله سبحانه تفخيماً لشأنه وتهويلاً لأمره (إلا من رحم) وقرئ على البناء للمفعول والاستثناء منقطع قاله الزجاج أي لكن من رحمه فهو يعصمه واستظهره السفاقسي أو متصل على أن يكون عاصم