(إن الذين اشتروا) استبدلوا (الكفر بالإيمان) وقد تقدم تحقيق هذه الاستعارة والمراد المنافقون آمنوا ثم كفروا (لن يضروا الله شيئاً) نفي الضرر معناه كالأول وهو للتأكيد لما تقدمه، وقيل إن الأول خاص بالمنافقين والثاني يعم جميع الكفار، والأول أولى (ولهم عذاب أليم) في الآخرة، ولما جرت العادة بسرور المشتري بما اشتراه عند كون الصفقة رابحة، وبتألمه عند كونها خاسرة، ناسب وصف العذاب بالأليم.
(ولا تحسبن الذين كفروا) وقرىء بالتحتية فالمعنى لا يحسبن الكافرون (أنما نملي لهم) بتطويل الأعمال وتأخيرهم ورغد العيش، أو بما أصابوا من الظفر يوم أحد (خير لأنفسهم) فليس الأمر كذلك بل هو شر واقع عليهم ونازل بهم، وعلى الأولى لا تحسبن يا محمد - صلى الله عليه وسلم - أن الإملاء للذين كفروا بما ذكر خير لهم.
(إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً) بكثرة المعاصي، واللام لام الإرادة أي إرادة زيادة الإثم، وهي جائزة عند الأشاعرة ولا تخلو عن حكمة، وعند المعتزلة القائلين بأنه تعالى لا يريد القبيح هي لام العافية وهي جملة مستأنفة مبينة لوجه الإملاء للكافرين. أو تكرير للأولى. والإملاء الإمهال والتأخير، وأصله من الملوأة وهي المدة من الزمان يقال أمليت له في الأمر أخرت وأمليت للبعير في القيد أرخيت له ووسعت (ولهم عذاب مهين) في الآخرة.
قال أبو السعود لما تضمن الإملاء التمتع بطيبات الدنيا وزينتها وذلك