(يا حسرة على العباد) النصب على أنها منادى منكر، كأنه نادى الحسرة وقال لها: هذا أوانك فاحضري، وقيل: إنها منصوبة على المصدرية، والمنادى محذوف والتقدير: يا هؤلاء تحسروا حسرة، وقرىء: بالضم على النداء، قال الفراء في توجيه هذه القراءة: إن الاختيار النصب، وأنها لو رفعت النكرة لكان صواباً. واستشهد بأشياء نقلها عن العرب منها أنه سمع منهم: يا مهتم، بأمرنا لا تهتم.
قال النحاس: وفي هذا إبطال باب النداء أو أكثره، قال: وتقدير ما ذكره: يا أيها المهتم لا تهتم بأمرنا وحقيقة الحسرة أن يلحق الإنسان من الندم ما يصير به حسيراً، قال ابن جرير: المعنى يا حسرة من العباد على أنفسهم وتندماً وتلهفاً في استهزائهم برسل الله، وقرىء: يا حسرة العباد على الإضافة، ورويت هذه القراءة عن أبيّ. وقال الضحاك: إنها حسرة الملائكة على الكفار حين كذبوا الرسل، وقيل: هي من قول الرجل الذي جاء من أقصى المدينة.
وقيل: إن القائل يا (حسرة على العباد) هم الكفار المكذبون، والعباد الرسل، وذلك أنهم لما رأوا العذاب تحسروا على قتلهم وتمنوا الإيمان قاله أبو العالية ومجاهد. وقيل: إن التحسر عليهم هو من الله عز وجل بطريق الاستعارة لتعظيم ما جنوه، وقرىء: يا حسره بسكون الهاء إجراء للوصل مجرى الوقف، وقرىء يا حسرتا كما قرىء بذلك في سورة الزمر، قال