(إذ) أي اذكروا أيها المسلمون إذ (أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى) قرئ بضم العين في الموضعين وكذا بالفتح والكسر وقرئ بهما أيضاً وهي لغات بمعنى واحد، وهذا هو قول جمهور اللغويين، والعدوة شط الوادي وشفيره وحافته سميت بذلك لأنها عدت ما في الوادي من ماء ونحوه أن يتجاوزها أي منعته، وقال أبو عمرو: هي المكان المرتفع، والدنيا تأنيث الأدنى من دنا يدنو أي القربى من المدينة، والقصوى تأنيث الأقصى من قصا يقصو، ويقال القصيا والأصل الواو وهي لغة أهل الحجاز، والمعنى وقت نزولكم بالجانب الأدنى من الوادي إلى جهة المدينة، وعدوكم بالجانب الأقصى منه مما يلي مكة والباء بمعنى في كقولك زيد بمكة.
(والركب أسفل منكم) أي والحال أن الركب في مكان أسفل من المكان الذي أنتم فيه مما يلي البحر، وأجاز الأخفش والكسائي والفراء رفع أسفل على معنى أشد سفلاً منكم، وقيل الواو للعطف، والركب اسم جمع لراكب أو جمع له وهم العشرة فصاعداً، ولا تقول العرب ركب إلا للجماعة الراكبي الإبل، وقد يقال لمن كان على فرس وغيرها ركب والجمع أركب وركوب كذا قال ابن فارس وحكاه ابن السكيت عن أكثر أهل اللغة.
والمراد بالركب هنا ركب أبي سفيان وهي المراد بالعير فإنهم كانوا في موضع أسفل منهم مما يلي ساحل البحر على ثلاثة أميال من بدر، قيل وفائدة ذكر هذه الحالة التي كانوا عليها من كونهم بالعدوة الدنيا وعدوهم بالعدوة