للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ولو شئنا لآتينا) أعطينا (كل نفس هداها) أي رشدها، وتوفيقها إلى الإيمان يعني ما عندنا من اللطف الذي لو كان منهم اختيار ذلك لاهتدوا جميعاً، فلم يكفر منهم أحد؛ ولكن لم نعطهم ذلك اللطف لما علمنا منهم اختيار الكفر، وإيثاره، وهو حجة على المعتزلة فإنهم أولوا الآية بمشيئة الجبر، وهو تأويل فاسد. قال النحاس: في معنى هذا قولان أحدهما أنه في الدنيا، والآخر أنه في الآخرة، أي: لو شئنا لرددنا إلى الدنيا.

(ولكن حق القول مني) أي نفذ قضائي، ووجب قدري، وسبقت كلمتي، وثبت وعيدي.

(لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين) هذا هو القول الذي وجب من الله، وحق على عباده، ونفذ فيه قضاؤه، فكان مقتضى هذا القول أنه لا يعطى كل نفس هداها، وإنما قضى عليهم بهذا لأنه سبحانه قد علم أنهم من أهل الشقاوة، وأنهم ممن يختار الضلالة على الهدى، وقدم الجن لأن المقام مقام تحقير، ولأن الجهنميين منهم أكثر فيما قيل، ولا يلزم من قوله: أجمعين دخول جميع الإنس والجن فيها، لأنها تفيد عموم الأنواع لا الأفراد، قاله بعض المحققين، ورد بأنه لو قصد ما ذكر كان المناسب التثنية دون الجمع بأن يقول: كليهما، فالظاهر أنها لعموم الأفراد، والتعريف فيهما للعهد، والمراد عصاتهما، ويؤيده قوله في آية أخرى خطاباً لإِبليس: (لأملأن جهنم منك، وممن تبعك منهم أجمعين)، قاله الشهاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>