(فرجع موسى إلى قومه) قيل وكان الرجوع إلى قومه بعدما استوفى أربعين يوماً ذا القعدة وعشر ذي الحجة وأخذ التوراة، روي أنه لما رجع موسى سمع الصياح والضجيج وكانوا يرقصون حول العجل، فقال للسبعين الذين كانوا معه: هذا صوت الفتنة.
وفي القرطبي: وسئل الإمام أبو بكر الطرطوشي عن جماعة يجتمعون ويكثرون من ذكر الله وذكر رسوله صلى الله عليه وسلم، ثم إنهم يضربون بالقضيب على شيء من الطبل ويقوم بعضهم يرقص ويتواجد حتى يقع مغشياً عليه ويحضرون شيئاً يأكلونه، فهل الحضور معهم جائز أم لا؟.
فأجاب: يرحمك الله، مذهب الصوفية بطالة وجهالة وضلالة، وما الإسلام إلا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأما الرقص والتواجد فأول من أحدثه أصحاب السامري لما اتخذ لهم عجلاً جسداً له خوار، فقاموا يرقصون حوله ويتواجدون، فهو دين الكفار وعباد العجل. وأما الطبل فأول من اتخذه الزنادقة ليشغلوا به المسلمين عن كتاب الله تعالى؛ وإنما كان مجلس النبي مع أصحابه كأنما على رؤوسهم الطير من الوقار، فينبغي للسلطان ونوابه أن يمنعهم من الحضور في المساجد وغيرها، ولا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحضر معهم أو يعينهم على باطلهم. وهذا مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهم من أئمة المسلمين. إهـ.
(غضبان أسفاً) الأسَفِ الشديد الغضب، وقيل الحزين، وقد مضى في الأعراف بيان هذا مستوفى (قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعداً حسناً) الاستفهام للإنكار التوبيخي، والوعد الحسن وعدهم بالجنة إذا أقاموا على طاعته. وقيل وعدهم أن يسمعهم كلامه في التوراة على لسان موسى ليعملوا بما فيها فيستحقوا ثواب عملهم، وكانت ألف سورة كل سورة ألف آية، يحمل أسفارها سبعون جملاً، ولا وعد أحسن من ذلك. قاله النسفي، وقيل