(فتعالى الله الملك الحق) لما بين سبحانه للعباد عظيم نعمته عليهم بإنزال القرآن نزه نفسه عن مماثلة مخلوقاته في شيء من الأشياء، أي جل الله عن إلحاد الملحدين وعما يقول المشركون والمعطلون في صفاته، فإنه الملك الذي بيده الثواب والعقاب، نافذ أمره ونهيه وأنه الحق، أي ذو الحق في ملكوته وألوهيته أو الحقيق بأن يرجى وعده ويخشى وعيده، أو الثابت في ذاته وصفاته. وقيل إنما وصف نفسه باْلمَلِك الحق لأن ملكه لا يزول ولا يتغير وليس بمستفاد من قبل الغير ولا غيره أولى به منه.
(ولا تعجل بالقرآن) أي بقراءته (من قبل أن يقضى) أي يتم (إليك وحيه) أي يفرغ جبريل من إبلاغه. قال المفسرون: كان النبي صلى الله عليه وسلم يبادر جبريل فيقرأ قبل أن يفرغ جبريل من الوحي حرصاً منه على ما ينزل عليه منه، فنهاه الله عن ذلك، ومثله قوله (لا تحرك به لسانك لتعجل به) على ما يأتي إن شاء الله تعالى.
وقيل المعنى ولا تُلْقِه إلى الناس قيل أن يأتيك بيان تأويله، وقرئ نقضي بالنون. قال ابن عباس: لا تعجل حتى نبينه لك. وقال قتادة: لا تَتْلُه على أحد حتى نتمه لك.