(قل إن كان للرحمن ولد) وصح ذلك ببرهان صحيح، أو إن كان له ولد في قولكم، وعلى زعمكم (فأنا أول العابدين) أي أول من عبد الله وحده لأن من عبد الله وحده فقد دفع أن يكون له ولد، قاله ابن قتيبة وقال الحسن والسدي. إن المعنى ما كان للرحمن ولد، ويكون قوله: فأنا أول العابدين ابتداء كلام.
قال ابن عباس في الآية يقول إن يكن للرحمن ولد (فأنا أول العابدين) أي الشاهدين، وعن زيد بن أسلم قال هذا معروف من كلام العرب إن كان هذا الأمر قط، أي ما كان، وعن قتادة نحوه وقيل: المعنى قل يا محمد: إن ثبت لله ولد، فأنا أول من يعبد هذا الولد الذي تزعمون ثبوته، ولكنه يستحيل أن يكون له ولد. وفيه نفي للولد على أبلغ وجه، وأتم عبارة، وأحسن أسلوب، وهذا هو الظاهر من النظم القرآني، لأن هذا الكلام وارد على سبيل الفرض والمراد نفي الولد، وذلك أنه علق العبادة بكينونة الولد وهي محال في نفسها فكان المعلق بها محالاً مثلها، ومن هذا القبيل قوله تعالى:
(وإنا وإياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين) ومثل هذا قول الرجل لمن يناظره إن ثبت ما تقوله بالدليل فأنا أول من يعتقده ويقول به فتكون إن في (إن كان) شرطية ورجح هذا ابن جرير وغيره.
وقيل: معنى العابدين الآنفين من العبادة وهو تكلف لا ملجىء إليه ولكنه قرىء العبدين: بغير ألف؛ من عبد يعبد عبداً بالتحريك إذا أنف وغضب، فهو عبد، والإسم العبدة مثل الأنفة ولعل الحامل على هذه القراءة الشاذة البعيدة لمن قرأها هو استبعاد معنى (فأنا أول العابدين) وليس بمستبعد ولا مستنكر وقد حكى الجوهري عن أبي عمرو في قوله: (فأنا أول العابدين) أنه من الأنف أو الغضب؛ وحكاه الماوردي عن الكسائي والقتيبي