(ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله) من الطعام قاله السدي والإفاضة التوسعة، يقال أفاض عليه نعمة ويتضمن أفيضوا معنى القوا وأو بمعنى الواو لقوله حرمهما أو هي على بابها من اقتضائها لأحد الشيئين إما تخييراً أو إباحة أو غير ذلك مما يليق بهما. وعلى هذا تقديره حرم كلاً منهما أو كليهما كما سيأتي، والمعنى طلبوا منهم أن يواسوهم بشيء من الماء أو بشيء مما رزقهم الله من غيره من الأشربة والأطعمة.
(قالوا) أي فأجابوا بقولهم (إن الله حرمهما) أي حرم الماء وما رزقنا (على الكافرين) ومنعهما فلا نواسيكم بشيء مما حرمه عليكم، والتحريم مستعمل في لازمه لانقطاع التكليف حينئذ، قيل إن هذا النداء كان من أهل النار بعد دخول أهل الأعراف الجنة.
قال ابن عباس: ينادي الرجل أخاه فيقول يا أخي اغثني فإني قد احترقت فأفض علي من الماء فيقال أجبه فيقول إن الله حرمهما على الكافرين، وقال ابن زيد: يستسقونهم ويستطعمونهم وإن الله حرمهما أي طعام الجنة وشرابها وهو تحريم منع (١).
(١) في هذه الآية دليل على أن سقي الماء من أفضل الأعمال. وقد سئل ابن عباس: أي الصدقة أفضل؟ فقال: الماء، ألم تروا إلى أهل النار حين استغاثوا بأهل الجنة " أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله "؟. وروى أبو داود أن سعداً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أي الصدقة أعجب إليك؟ قال: " الماء ". وفي رواية: فحفر بئراً فقال: " هذه لأم سعد "، وعن أنس قال، قال سعد: يارسول الله، إن أم سعد كانت تحب الصدقة، أفينفعها أن أتصدق عنها؟ قال: " نعم وعليك بالماء ".