(ولا تقربوا مال اليتيم) الخطاب لأولياء اليتيم والنهي عن قربانه مبالغة في النهي عن المباشرة وإتلافه، قال قتادة: كانوا لا يخالطونهم في مال ولا مأكل ولا مركب حتى نزلت وإن تخالطوهم فإخوانكم.
ثم بينَّ سبحانه أن النهي عن قربانه ليس المراد منه النهي عن مباشرته فيما يصلحه ويفسده بل يجوز لولي اليتيم أن يفعل في مال اليتيم ما يصلحه وذلك يستلزم مباشرته فقال (إلا بالتي) أي إلا بالخصلة التي (هي أحسن) من جميع الخصال وهي حفظه وطلب الربح فيه والسعي فيما يزيد به والإنفاق عليه بالمعروف ثم ذكر غاية النهي عن قربان مال اليتيم فقال (حتى يبلغ) أي لا تقربوه حتى يبلغ اليتيم (أشده) فإذا بلغ أشده كان لكم أن تدفعوه إليه أو تتصرفوا فيه بإذنه لأن التصرف له حينئذ.
والأشد مفرد بمعنى القوة، وقيل جمع لا واحد له من لفظه، وقيل جمع شدة بكسر الشين، وقيل جمع شد كذلك، وقيل جمع بفتحها وعلى كل فالمراد به القوة وكمال عقله ورشده بحيث يمكنه القيام بمصالح ماله وإلا لم ينفك عنه الحجر وإن كان الأشد في الأصل عبارة عن بلوغ ثلاث وثلاثين سنة، وقيل هي ثماني عشرة سنة وقيل خمس عشرة سنة وقد تقدم الكلام على هذا مستوفى في الأنعام.