(قل من كان عدواً لجبريل) أي بسبب نزوله بالقرآن المشتمل على سبهم وتكذيبهم، هذه الآية قد أجمع المفسرون على أنها نزلت في اليهود، قال ابن جرير الطبري وأجمع أهل التأويل جميعاً أن هذه الآية نزلت جواباً على اليهود إذ زعموا أن جبريل عدو لهم وأن ميكائيل ولي لهم، ثم اختلفوا ما كان سبب قولهم ذلك فقال بعضهم إنما كان سبب قيلهم ذلك من أجل مناظرة جرت بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمر نبوته، ثم ذكر روايات في ذلك، وجبريل اسم ملك وهو أعجمي فلذلك لم ينصرف والقول باشتقاقه من جبروت الله بعيد، لأن الاشتقاق لا يكون في الأسماء الأعجمية، وكذا قول من قال أنه مركب تركيب الإضافة أو تركيب مزج نحو حضر موت، وفيه ثلاث عشرة لغة أفصحها وأشهرها بزنة قنديل.
والضمير في قوله (فإنه) يحتمل وجهين الأول أن يكون لله ويكون الضمير في قوله (نَزَّلَهُ) لجبريل أي فإن الله سبحانه نزل جبريل (على قلبك) وفيه ضعف كما أي يفيده قوله (مصدقاً لما بين يديه) الثاني أنه لجبريل والضمير في قوله (نَزَّلَهُ) للقرآن فإن جبريل نزل القرآن على قلبك وخص القلب بالذكر لأنه موضع العقل والعلم وخزانة الحفظ وبيت الرب، وقد قيل أنه في الدماغ (بإذن الله) أي بعلمه وإرادته وتيسيره وتسهيله. وقال ابن الخطيب تفسير الإذن هنا بالأمر أي بأمر الله أولى من تفسيره بالعلم لأنه حقيقة في الأمر، مجاز في العلم، ويجب الحمل على الحقيقة ما أمكن وإذا كان نزوله بإذن الله فلا وجه للعداوة، وإنما يكون لها وجه لو كان النزول برأيه.
(مصدقاً لما بين يديه) هو التوراة كما سلف أو جميع الكتب المنزلة، وفي