(وما على الذين يتقون) مجالسة الكفار عند خوضهم في آيات الله (من حسابهم) أي الكفار (من شيء) وقيل المعنى ما على الذين يتقون ما يقع منهم من الخوض في آيات الله في مجالستهم لهم من شيء، وعلى هذا التفسير ففي الآية الترخيص للمتقين في مجالسة الكفار إذا اضطروا إلى ذلك.
قيل: وهذا الترخيص كان في أول الإسلام، وأن الوقت وقت تقية ثم نزل قوله تعالى:(وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره) فنسخ ذلك، والحق أنها محكمة بإجماع أهل العلم خلافاً للكلبي كما تقدم في سورة النساء.
عن عمر بن عبد العزيز: أنه أُتِيَ بقوم قعدوا على شراب معهم رجل صائم فضربه وقال: لا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره وقيل مجالستهم مباحة بشرط الوعظ والنهي عن المنكر.
(ولكن ذكرى) قال الكسائي: المعنى ولكن هذه ذكرى، والمعنى على الاستدراك من النفي السابق أي ولكن عليهم الذكرى للكافرين بالموعظة والبيان لهم بأن ذلك لا يجوز، أما على التفسير الأول فلأن مجرد اتقاء مجالس هؤلاء الذين يخوضون في آيات الله لا يسقط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأما على التفسير الثاني فالترخيص في المجالسة لا يسقط التذكير، وفيه وجوه أخرى.
(لعلهم يتقون) الخوض في آيات الله إذا وقعت منكم الذكرى لهم، وأما جعل الضمير للمتقين فبعيد جداً.