(وجاء ربك) أي جاء أمره وقضاؤه وظهرت آياته وقيل المعنى أنها زالت الشبه في ذلك اليوم وظهرت المعارف وصارت ضرورية كما يزول الشك عند برء الشيء الذي كان يشك فيه، وقيل جاء قهر ربك وسلطانه وانفراده بالأمر والتدبير من دون أن يجعل إلى أحد من عباده شيئاًً من ذلك، وقيل تمثيل لظهور آيات اقتداره وتبين آثار قهره وسلطانه، وقيل جاء أمر ربك بالمحاسبة والجزاء وقيل غير ذلك.
والحق أن هذه الآية من آيات الصفات التي سكت عنها وعن مثلها عامة سلف الأمة وأئمتها وبعض الخلف فلم يتكلموا فيها، بل أجروها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه ولا تأويل ولا تحريف ولا تعطيل، وقالوا يلزمنا الإيمان بها وإجراؤها على ظاهرها، والتأويل ديدن المتكلمين ودين المتأخرين، وهو خلاف ما عليه جمهور السلف الصالحين.
وقوله (والملك صفاً صفاً) منتصب على الحال أي مصطفين أو ذوي الصفوف، قال عطاء يريد صفوف الملائكة وأهل كل سماء صف على حدة قال الضحاك أهل كل سماء إذا نزلوا يوم القيامة كانوا صفاً محيطين بالأرض ومن فيها فيكونون سبعة صفوف.