(وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدّقاً لما بين يديه من الكتاب) خطاب لمحمد - صلى الله عليه وسلم -، والكتاب القرآن والتعريف للعهد والتعريف في الكتاب الثاني للجنس أي أنزلنا إليك يا محمد القرآن حال كونه متلبساً بالحق، وحال كونه مصدقا لما بين يديه من كتب الله المنزّلة لكونه مشتملاً على الدعوة إلى الله والأمر بالخير والنهي عن الشر، كما اشتملت عليه.
وأما ما يتراءى من مخالفته في بعض جزئيات الأحكام المتغيرة بسبب تغير الأعصار، فليس بمخالفة في الحقيقة، بل هي موافقة لها من حيث أن كلاًّ من تلك الأحكام حق بالإضافة إلى عصره، متضمن للحكمة التي يدور عليها أمر الشريعة، وليس في المتقدم دلالة على أبدية أحكامه المنسوخة حتى يخالفه الناسخ المتأخر، وإنما يدل على مشروعيتها مطلقاً من غير تعرض لبقائها وزوالها بل نقول هو ناطق بزوالها لما أن النطق بصحة ما ينسخها نطق بنسخها وزوالها.
(ومهيمناً علي) الضمير عائد إلى الكتاب الذي صدقه القرآن وهيمن عليه، والمهيمن الرقيب، وقيل الغالب المرتفع، وقيل الشاهد، وقيل الحافظ، وقيل المؤتمن.
قال المبرد: أصله مؤيمن أبدل من الهمزة هاء كما قيل في أرقت الماء هرقت وبه قال الزجاج وأبو علي الفارسي،، قال الجوهري: هو من آمن غيره