(وقفّينا على آثارهم بعيسى ابن مريم) هذا شروع في بيان حكم الإنجيل بعد بيان حكم التوراة، أي جعلنا عيسى ابن مريم يقفو آثارهم أي آثار النبيين الذين أسلموا من بني إسرائيل أو آثار من كتب عليهم تلك الأحكام، والأول أظهر لقوله في موضع آخر.
(برسلنا) يقال قفيته مثل عقبته إذا اتبعته، ثم يقال قفيته بفلان وعقبته به فيتعدى إلى الثاني بالباء؛ والمفعول الأول محذوف استغناء عنه بالظرف وهو على آثارهم؛ لأنه إذا قفى به على أثره فقد قفى به إياه.
(مصدقاً لما بين يديه من التوراة) وهي حال مؤكد قاله ابن عطية (وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور) أي أن الإنجيل أوتيه عيسى حال كونه مشتملاً على الهدى من الجهالة والنور من عمى البصيرة.
(ومصدقاً لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة) أي مصدقاً وهادياً وواعظاً (للمتقين) وهذا ليس بتكرار للأول لأن في الأول إخباراً بأن عيسى مصدق لما بين يديه من التوراة، وفي الثاني إخبار بأن الإنجيل مصدق للتوراة فظهر الفرق بينهما، وإنما خص المتقين بالذكر لأنهم الذين ينتفعون بالمواعظ.